أعجب ما في دنيا الأطباء !!

من أعجب الأمراض ما عجز عن علاجها الطبيب نفسه المختص حتى يكتشف يوماً العلاج، وهو الطبيب المعالج.

ومن أعجب ما في دنيا الأطباء أنهم أقبح الناس في اتباع النصيحة ومداومة العلاج والتقيد بالحمية حتى يصدموا.

ومن أغرب قصصهم نصح السيدات بالرشاقة، وأحدهم بالكاد يحمل نفسه من الشحم والدهن.

ومن أعجب ما في عالم الأطباء أنهم ينصحون المريض بعدم التدخين وهم يدخنون.

ومن أعجب ما في عالم الأطباء أنهم حينما ينتحرون يتقنونها بدون رجعة.

ومن أعجب ما في عالم الأطباء أنهم يموتون بالعلة نفسها التي لها يعالجون مثل موت جراح بزائدة دودية،

وقلبية باحتشاء قلب،

واختصاصي أورام باللويكيميا،

ودكتور صدر بسرطان رئة،

وجراح أوعية بانسداد شريان بخثرة،

وطبيب عصبية بشلل دماغي واختصاصي بولية بانسطام الكُلية ومجراها.

واستشاري جلدية بورم قتاميني.

ودكتور عظام بكسر لا يندمل.

وطبيب نفسية بانفصام شخصية (شيزوفرينيا).

ومن أعجب ما في دنيا الأطباء أنهم يظنون أنفسهم أنهم فلاسفة العالم، وكاشفو الحقيقة، ومعدن البشرية قد وصلوا سدرة المنتهى، ولم يعد يهمهم تحصيل علم فهم كل العلم.

ولكنهم في الحقيقة وفي معظمهم قد غرقوا في نفق الاختصاص، ليس كلهم بل بقية باهتة منهم قد نذروا أنفسهم للطب،

أما معظمهم فهم أقرب لعلم الشفاهة، قد انقطعوا عن عالم الثقافة، منذ أيام البكالوريا.

في السابق في أيام ابن سينا كان الطبيب فيلسوفاً وحكيماً وفقيهاً كما كان ابن رشد،

أما في أيامنا فلم يعشقوا الطب ويخلصوا له الطوية، وغاصوا في أعماق الخليقة وحكمة الوجود، بل مال ووجاهة وحسد وتنافس وانحسار عن دنيا الثقافة.

هذه هي انطباعاتي عن عالم الأطباء، وأنا الطبيب الذي يودع هذا العالم بعد ممارسة 42 عاماً، فهي شهادة.


للكاتب والطبيب د /خالص جلبي